شعر التفعيلة يعتبر أحد أفضل أنواع الأدب الحديث وأنواع الشعر المستحدثة .. فهو الأفضل شيوعا وتلقيا من بعد الشعر العمودي المقفى .. ويتعمد شعر التفعيلة على الإسترسال الموسيقي والإنسيابية في الكتابة فلا يلتزم بأحد البحور العربية وإن كان يلتزم بوحدة التفعيلة .. ونستطيع الاستدلال على النص التفعيلي من خلال قراءته .. حيث نشعر بأننا نقرأ قطعة موسيقية مترابطة ومتناغمة فلا نشعر بالخروج عنها الى نهايتها ...
وبخصوص الوزن في قصيدة التفعيلة هو ليس كالقصيدة العمودية .. فهو يعتمد على التفعيلة كوحدة أساسية وأيضا على نظام الشطر الواحد سواء كان طويلا أو قصير .. وقد تأتي كامل القصيدة بتفعيلة واحدة من بدايتها الى نهايتها أو قد تكون من عدة تفعيلات .. وأحيانا تكون قصيدة التفعيلة مزيج من تفعيلات عدة بحور متداخله مع مراعات سهولة الانتقال من بحر لآخر .. وتسمى القصيدة في ضل التفعيلة الواحدة بـ ( الصافي ) وما كان منها مختلطا يسمى ( الممتزج ) .. وشعر التفعيلة يخضع لقانون العروض من حيث الزحافات والعلل ، ويستعمل الشاعر في شعر التفعيلة جميع التفاعيل ويتنقل كيفما شاء مع مراعاة الانسيابية فيما يخص موسيقاها ..
أما القافية فلا يصح أن نطلقها على الحروف التي تنتهي بها القصيدة التفعيلة أواخر بعض سطورها وكاجتهاد شخصي لا يصح تسمية ما يرد فيها بالقافية والأصح أن نسميه سجعا وليس قافية .. وعلى هذا لا أظن بأن قانون القوافي في علم العروض يحكم نص التفعيلة .. ولكن كلما التزم السجع بقانون القوافي كلما كان النص أجمل وألذ ..
والآن اليكم نصا من كتاباتي كنموذج لشعر التفعيلة ,, ونصي يعتمد غالبه على تفعيلة واحدة وهي تفعيلة بحر الرمل ( فاعلاتن ) وللتوضيع سأضع التفعيلة في النص بصورة متكررة وستجد عزيزي القارئ كيف أن وجودها منسجما مع موسيقى النص وإيقاعه ,,,
صدقوني لست شاعر ,,
فاعلاتن فاعلاتن
قالَ لي يوما صديقي ..
لا تقل لي لستَ شاعِـر
لا تكابر ..
فاعلاتن
أنتَ في شِعركَ ساحِـر
أنتَ ماهِـر
أنتَ آسِـر ..
فاعلاتن
أنتَ في الكِلمةِ فنانٌ وشاطِـر ..
أنتَ في شِعركَ ثائِـر
ضِدَّ أصنافِ المناكِـر ..
أنتَ في حَرفِكَ قاهِـر
كلَ شيطان ٍ و فاجـِر ..
فاعلاتن فاعلاتن
أنتَ شاعِـر ..
أنتَ شاعِـر ..
قلتُ يا صاح ِ تأنى
أنتَ فيما تتغنى
كنتَ بي تـُحسِنُ ظنا ..
فأنا لستُ بفنان ٍ وشاطِـر ..
وأنا لستُ بساحِـر
فاعلاتن فاعلاتن
لستُ بالكِلمةِ فنانٌ وماهِـر ..
فأنا في الشِعر قاصِـر
لستُ شاعِـر ..
لستُ شاعِـر ..
فاعلاتن
وأنا لستُ على الشِعر بـِقادر
فأنا رَهنُ المشاعِـر ..
غير أني ,
فاعلاتن
قد رَسمتُ الشِعرَ دَربا ً
ومَصابيحي الضمائِـر ..
وبأني ,
فاعلاتن
شِئتُ أن أرسُمَ فـَجْرا ً
هو للظلام والأنذال ناحِـر ..
فأرى الكِلمة تأتي
دون إخطار ٍ ,,
وخاطِـر ..
وكذا الأسطـُرَ تكوي
كلَ مُحتال ٍ وفاجر ..
وأرى يَدفعني
من لِحَرفِي اليَومَ ناظِر
إنهم لي إخوة ٌ ..
بيتـنا نبضُ المشاعِـر ..
فاعلاتن فاعلاتن
وطبعا لو كررت التفعيلة ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن .... الخ ) ستجد أنها توافق في الايقاع الموسيقي للنص .. ولهذا سميت بقصيدة التفعيلة ..
ملاحظة مهمة ....
ولكي لا يتشتت فكر أحد هنا ويتوه في دهاليز التفعيلات وغموضها أحببت أن أوضح أمرا .. لا تنظر للتفعيلة قبل كتابة النص لأنه ستربكك وتشتت ابداعك وتقيد قلمك وفكرك .. التزم فقط باللحن والإيقاع .. واجعل كلماتك متناغمة واسترسل في نصك على تناغم واحد منتظم بحيث تجعل من نصك قطعة موسيقية واحدة لا تخرج عن ايقاعها ..
فالتفعيلات لا تبنى عليها النصوص .. ولكنها تأتي بعد كتابة النصوص لقياسها والتأكد من صحة وزنها .. وعلى ذلك لا تلتفت قبل كتابة النص للتفعيلة ..
أتمنى أن أكون قد وفقت في شرحي المختصر ..
تحياتي ..
منقول